الظمأ في الکتابات اليمنية القديمة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد- قائم بأعمال رئيس قسم شبه الجزيرة العربية - المعهد العالي لحضارات الشرق الأدنى القديم-جامعة الزقازيق

المستخلص

قامت الحضارة في اليمن القديم على أساس زراعي ارتبط بالأمطار الموسمية التي تسقط عليها وکان هذا من الأسباب التي أدت إلى ظهور أهمية الماء في کتاباتهم القديمة, کما ظهرت لديهم کتابات عديدة تتحدث عن شحة الماء وخطورة ما کانوا يتعرضون له في بعض الأوقات من انحباس للأمطار مما يؤدي إلى حالات شديدة من الجفاف تحل بکل مصادر المياه لتشمل أيضا الآبار والينابيع , ويتعرض الناس لخطر الظمأ والعطش, وأيضا الجوع الذي يترتب على حالة القحط التي تعم البلاد نتيجة للجفاف. وقد عبر اليمنيون القدماء عن ذلک من خلال نصوصهم النذرية والحربية والأدبية , والتي تبين من خلالها حرصهم الشديد على إرضاء معبوداتهم لتمن عليهم بالأمطار الوفيرة غير الضارة من خلال تقدماتهم النذرية , أو لترفع عنهم خطر الظمأ وعواقبه من خلال أدائهم لترانيم وأناشيد ذات صبغة دينية يمکن أن يطلق عليها "أناشيد الاستسقاء".
وتظهر النصوص الحربية مدى إدراک القادة المحاربين لخطر التعرض للظمأ والجفاف , لذا حرصوا خلال معظم عملياتهم الحربية على طمر الآبار وتجفيف منابع الماء لإضعاف قوى الجانب المعادي. وظهرت کثير من العبارات التي تصف الظمأ بعبارات مماثلة لما هو شائع في العربية , کما أشارت النصوص إلى معبودات مرتبطة بالماء والأمطار يلجأ إليها المتعبدون إذا ما تعرضوا لشحة الماء أو انحباس الأمطار.

الكلمات الرئيسية


یعتبر الماء هو مقوم الحیاة الأول على سطح الأرض, حیثما کان, کانت الحیاة بمظاهرها المختلفة, وهو العامل الرئیس للاستقرار وتکوین الحضارات والکیانات السیاسیة المتحضرة, لذلک ارتبطت نشأة أقدم الحضارات بوجود مصادر دائمة للماء فی أرضها تمثلت فی الأنهار , أو فی سقوط الأمطار الموسمیة علیها أو فی غناها بالآبار والینابیع والمیاه الجوفیة بصفة عامة.

وقد نشأت الحضارة العربیة الجنوبیة القدیمة فی الیمن مرتبطة بالماء شریان حیاتها وعمادها, حیث کفلت لها الأمطار الموسمیة أو شبه الموسمیة التی تهطل علیها مصدرا مهما قامت علیه زراعة مساحات واسعة من الأراضی الخصبة1, فقد کانت الأمطار تسقط على الیمن مرتین فی العام تقریبا, إحداهما فی الفترة من شهر فبرایر إلى شهر أبریل (فصل الصیف) , والثانیة من شهر یونیه إلى شهر أغسطس (فصل الخریف), ولا یسقط المطر من سبتمبر إلى دیسمبر إلا نادرا2, وجعل البعض سقوط هذه الأمطار من شهر أبریل إلى شهر مایو, ومن شهر یولیو إلى شهر أغسطس3, وربما کان هذا التباین لکون هذه الأمطار توصف عند کثیر من الباحثین بأنها شبه موسمیة, أی غیر منتظمة المواعید تماما فی هطولها , وکان بعض هذه الأمطار یتسم بالغزارة الشدیدة حتى تصل إلى مرحلة السیول الجارفة التی تأتی لمدة قصیرة فی العام فکان لابد من الاستفادة منها بعمل مصدات وجدران لکبح جماحها والتحکم فی اندفاعها وتوزیعها على الحقول فی قنوات رئیسة وفرعیة4, لری أکبر مساحة مزروعة, ولم یکن الهدف منها التخزین5, وللحفاظ على التربة الخصبة التی تجرفها السیول6, وکان لتسرب میاه السیول والأمطار إلى باطن الأرض أثر فی تکوین العیون والآبار7, التی اختلفت فی عمقها وکمیة المیاه بها, وتشیر النصوص العربیة الجنوبیة القدیمة إلى حرص الیمنیین على حفر الآبار والعنایة بها وتحصینها8, وذلک تقدیرا لأهمیتها کمقوم من مقومات الزراعة , التی یمکن أن یطلق علیها عصب حضارتهم. کما عملوا على تطویر وسائل لاستخدام المیاه9 بکل أنواعها من قنوات وصهاریج وقنوات توزیع للمیاه.

ومرت الیمن کغیرها من الشعوب القدیمة بمراحل فی تاریخها تعرضت فیها لشحة المطر أو انحباس سقوطه , کما دمرت الکثیر من آبارها ومنشآتها المائیة أثناء الحروب والصراعات , خاصة الداخلیة منها, مما أثر سلبا على کل مظاهر الحضارة  فیها.

وقد ورد فی النصوص العربیة القدیمة کثیر من المعلومات المتعلقة بما تعرضت له الیمن من جفاف ونقص فی الموارد المائیة , سواء لعوامل طبیعیة مثل ندرة الأمطار وانحباسها, أو لعوامل کان للإنسان دخل فیها ثم طمر الآبار وهدم وتدمیر المنشآت المائیة المتعمد , کما ورد فیها أیضا إشارات إلى الخوف الشدید من الآثار المهلکة التی لابد وأن تحدث نتیجة الجفاف الذی یصیب المناطق التی تتعرض لذلک  من ظمأ وقحط , وما اتخذه أهلها من وسائل وتدابیر لتجنب ذلک. ویمکن حصر النصوص التی تناولت ذلک ضمن موضوعاتها فی : النصوص النذریة أو الإهدائیة, والنصوص الحربیة , والنصوص الأدبیة التی على ندرتها احتوت على أهم ترنیمة أو نشید تضرع به المتعبدون لمعبودهم لیغیثهم من خطر الظمأ , وهی ترنیمة الشمس10.

وقد وردت فی الکتابات العربیة الجنوبیة بعض الألفاظ المتعلقة بالظمأ والجفاف یمکن التطرق لها قبل الحدیث عما ورد فی الکتابات السابقة عنهما وما یترتب علیهما من آثار.

الألفاظ المتعلقة بالظمأ والجفاف:

-         ظ م أ فعل بمعنى ظمئ , عطش11 وأیضا اسم بمعنى ظمأ12, ووردت فی نص (إریانی 13/11) فی حالة التعریف ظ م أ ن (العطش أو الظمأ)13, و م ظ م أ ت م  کنعت14 أو صفة.

-         ص م أ  إسم بمعنى جفاف15 وأیضا بمعنى ظمأ أو (أرض) جافة16.

-         خ ی ب ت  اسم بمعنى جفاف أو احتباس المطر17, وهو ما یسبب العطش للنبات مما یتسبب فی هلاک الزرع وینزل الضرر الشدید بالإنسان. والفعل هـ خ ب , وهـ خ ب ت بمعنى امتنع أو احتبس المطر18.

-         أ ز ل , س ت أ ز ل  بمعنى شح أو احتبس أو انقطع19 (المطر), ویحمل نفس المعنى السابق, حیث یتسبب انقطاع المطر أو قلته فی جفاف الزرع وهلاکه.

-         ی ب س : فعل بمعنى جفت أو نضبت ( البئر)20. وأیضا امتنعت الأمطار أو انحبست21.

-         ب ل ت ن  م و : وردت هذه العبارة فی النص "إریانی13" بمعنى عطشى بدون ماء22, وتتکون من ب ل ت ن وهو حرف ورد أیضا  ب ل ت ی و ب ل بمعنى بدون23 و م و  التی تعنی ماء24.

أما الإشارات والعبارات المرتبطة بالظمأ والجفاف , من حیث وصف الحالة العامة عند حدوثهما , وتدخل الناس أحیانا لإحداثهما , خاصة فی حالة الحروب , وما یتخذه المتضررون منهما من إجراءات أو ابتهالات لتجنب التعرض لهما أو لآثارهما فقد وردت  کما سبق الذکرفی :

أولا: النصوص النذریة:

أو نصوص التقدمات أو النصوص الإهدائیة کما یسمیها بعض الباحثین, وهی تلک النصوص التی یتقرب مقدموها من خلالها للمعبودات , بتقدیم نذور أو قرابین لها فی معابدها25, أملا فی تحقیق رغبة, أو شکرا لنعمة, أو تکفیرا لخطیئة, ویؤدی الکهنة دور الوسیط26 بین المقدمین أو المتعبدین والمعبود خلال تلک التقدمات.

وردت تلک النصوص إما على تماثیل أو لوحات أو مباخر, أو غیرها مما یقدم للمعابد, وکانت تروی فی إیجاز أغراض الإهداء أو التقرب بها , ثم تطورت بدایة من حوالی القرن الثانی المیلادی, وأصبح یصاحب الغرض من  الإهداء وصف مفصل للأحداث27.

وکان مما تضمنته هذه النصوص ما یشیر إلى أن أصحابها قدموا نذورهم اتقاء لشحة الأمطار وانحباسها وما یمکن أن یحل بهم وبزراعتهم من ظمأ وجفاف, أو تقدیمها حمدا لهطول الأمطار وعموم خیراتها على العباد والبلاد  , ومن ذلک:

-         النص  CIH 547:

القراءة :

7- ن س أ و / م ط ر د ن / ع د / ذ ع ث

8- ت ر / و أ ل / هـ و ف ی هـ م و / ف ف ج

9- ر / ش ر ج هـ م و / ب د ث أ ف / و خ ر/

10- ف ن / م ن / م و م / ق ل ل م / و ب ل

11- ل م / ف ل / ح ذ ر ن / م ن / م ث ل

12- هـ / أ أ خ ر / و ح ل ف ن / ل ی ث و ب ن

13- هـ م و .......

الترجمة :

7- ونسوا الصید إل ذو عثتر

8- ولم یمنحهم المعبود ( میاه) تفجر

9- قنواتهم ( بأمطار) الربیع و

10- الخریف من الماء قلیلا وکثیرا

11- فلیحذروا من مثله ( أی من مثل هذا العمل)

12- مرة أخرى والمعبود حلفان لیجازیهم

هذا النص من النصوص التی یطلق علیها "النصوص التکفیریة" , تقدم به صاحبه ممثلا لجماعة عثتر, تکفیرا عن مخالفة ارتکبوها , بتأخیر أداء الصید لعثتر فی الوقت المحدد له, فکان عقابهم انحباس المطر ( أو ندرته) , وانخفاض الماء فی قنواتهم, وقد أمرهم المعبود بالاعتراف علنا , وحذرهم من تکرار مثل هذا العمل28 مما یشیر إلى أن التهدید بشحة الماء کان من وسائل معاقبة المذنبین29.

-         أیضا النص Ir 24/3:

القراءة :

و ل هـ ع ن ن هـ و / أ ل م ق هـ ث هـ و ن ب ع ل أ و م/ ب ن / ق ل م ت / ح ب ت ن/ و ث م ر ن / و س ق ی ن / و ب / خ ی ب ت / أ ب ر ق ن

الترجمة :

 ولیجنبهم المعبود إلمقه ثهوان بعل أوام من الآفات الزراعیة التی تصیب الحبوب والفواکه والغلات الأخرى ( من قلة فی الحبوب والثمار ومیاه السقایة) ویجنبهم من خیبة وجفاف الفصول30.

ویمکن ترجمة النص على النحو التالی:

" ولینجیهم إلمقه ثهوان سید أوام من آفات الحبوب والثمار والغلال ومن انحباس (شحة) المطر".

أشار النصان السابقان إلى رغبة من قدمهما فی أن یجنبهم معبودهم شر الجفاف وعواقبه , سواء کان هذا الجفاف وانحباس المطر نتیجة لذنب اقترفوه , أو أن التوقیت الذی قدموا فیه إهداءاتهم کان المطر فیه شحیح أو منعدم , مما أدى بهم إلى المسارعة بمثل هذه التقدمات حتى لا یتعرضون لآثاره المدمرة.

وبالإضافة إلى النصوص المماثلة للنصین السابقین, وردت نصوص أخرى اشتملت على وصف لانحباس الأمطار وحالة الجفاف والقحط والأضرار التی شملت کل شیء , ثم حمد المعبود الذی رفع عنهم هذا البلاء , وأنعم علیهم بالأمطار الوفیرة , ومن أمثلة ذلک:

-         النص Ja 653 :31

القراءة :

1-    ش ع ب ن / س ب أ / ک هـ ل ن / هـ ق ن ی و] / إ ل م ق هـ[

2-    ث هـ و ن ب ع ل أ و م / ص ل م ن هـ ن / ذ ذ ]هـ ب ن [

3-    ح م د م / ب ذ ت / هـ و ف ی هـ م د / ب أ م ل أ / و هـ و ]ک ل[

4-    ت / س ت و ک ل و / ب ع م / م ر أ هـ م و / أ ل م ق هـ ب ع ل

5-    أ و م / ل ق ب ل ی / ذ هـ  خ ب ت / ب ر ق / خ ر ف / ذ خ ر ف

6-    ت ب ع ک ر ب / ب ن و د إ ل / ب ن ح ز ف ر م

7-    ث ل ث ن / و ت ب ش ر و / ب ع م / أ ل م ق هـ / ک ی خ م ر ن

8-    هـ م و / ی ق ی م / م ل ی م / ل م ر ب / و أ س ر ر هـ و / و

9-    أ ک ل أ هـ و/ ب ی و م / أ ر ع م / ذ ف ق ح ی / و ر خ

10-                       ذ م ل ی ت / ذ م (ن ذ) / خ ر ف ن / و ب م و / هـ و ت>  / < ی و م

11-                       ن / ذ ب هـ و / س ت م ل أ و / ب ع م / أ ل م ق هـ / ف خ م ر هـ م

12-                       و / ذ ن م م / و س ق ی م / ذ ح ر ض و / أ د م هـ و / ع د

13-                       ی / ی د م / ع ش ر م / ذ ع ش ر ن هـ ن / ب م و/ هـ و ت / و ر

14-                       خ ن .....

الترجمة :

1-    قدمت قبیلة سبأ کهلان ] لإلمقه [

2-    ثهوان , سید أوام التمثالین ] البرونزیین [

3-    حمدا لما وفًاهم طلبهم ( أملهم) وتوکلهم  (دعاءهم)

4-     (الذی) طلبوه من سیدهم إلمقه سید

5-    أوام, قبل انقطاع (انحباس) أمطار الخریف من سنة

6-    تبع کرب بن ودد إل بن حزفر

7-    الثالثة , واستبشروا بالمقه کی یمنحهم (لیمنحهم)

8-    سقیا وفیرا لمأرب وأودیتها

9-    ومراعیها , فی الیوم الرابع من فقهی32, و(فی) شهر

10-                       ذی ملیت الذی ] یکون [ فی الخریف33, وفی هذا الیوم

11-                       ذهبوا وطلبوا من ( سألوا) إلمقه , فاستجاب

12-                       وأفاض ( أرسل) المطر والری ( السقیا) التی طلبها متعبدوه.

13-                       فی الیوم العاشر من العشرین من هذا الشهر بالذات ( بالتحدید)34

یتبین من خلال قراءة النص أن أوله یشیر إلى تقدمة تمثالین من البرونز لإلمقه ثهوان معبود قبیلة سبأ کهلان , حمدا له لأنه کشف عنهم غمة الظمأ والجفاف اللذین حلا بهم , واستبدلهما نتیجة هذا التقرب بالأمطار35 والغیث , ولعل فی استعراض الأحوال قبل وبعد الغیث ونزول الأمطار بلاغة من کاتب النص لیظهر الفارق واضحا بین الحالین .

ولعل من بین أهم النصوص التی تناولت أحوال القحط والجفاف التی تعرضت لها سبأ نتیجة انحباس الأمطار, النص Ja 73536, وهو من نصوص معبد أوام الطویلة نسبیا , والذی أشیر فیه إلى قحط استمر لمدة عام ونصف , الأمر الذی أدى إلى خروج شعب ( قبیلة ) سبأ کهلان وبنات مأرب إلى معبد إلمقه لتقدیم القرابین والابتهال بالدعاء والتضرع لإلمقه إلى أن استجاب لهم وهطلت الأمطار فی نفس الیوم37.

کما تعددت النصوص المقدمة شکرا للمعبودات على الأمطار الوفیرة التی تأتی بالخیر الوفیر دون ضرر, ومن ذلک :

-         النص شرف الدین 18 38:

القراءة :

1-    ش ع ب ن / س ب أ / هـ ق ن ی و / ا ل م ق هـ / ث هـ و ن / ب ع ل أ و م / ذ ن / ص ل م ن / ذ ذ هـ ب ن / ح م د م / ب ذ ت / خ م ر هـ م و / ا ل م ق هـ ب ع ل أ و م / س ق ی م / ب ب ر ق / د ث أ / ذ خ ر ف / م ع د ک ر ب / ب ن / س م هـ ک ر ب / ب ن / ف ض ح م

2-    ر ی ع ن / و س ق ی م / و هـ ش ف ق ن / م ر ب / و هـ ذ ر ی / س ر ر ن هـ ن / و ع ش ت ن / ب أ م ط ر ن / و ح م د م / ب ذ ت/ س ت و ف ی ت ر ذ ن ت / ذ ن ت / و أ ع ض د هـ ی / ب ن / ک ل / م ث ب ر م / و م ل د / ی هـ ف ل ل ن / هـ ی ت / ب ر ق ن / ب د ر خ / ذ أ ل ت ن / ذ م ذ ر ن / خ ر ف ن / و ح م د م /

الترجمة :

1-    شعب سبأ , قدم تقربا لإلمقه ثهوان سید أوام هذا التمثال الذهبی , حمدا لما جاد علیهم من السقی الهنیء ببرق الدثأ , من عام معدی کرب بن سمه کرب بن فضاح

2-    من المطر الغزیر الذی أروى کل منطقة (مأرب) من حقول وحدائق وأفعم أذنة (حوض سد مأرب) دون أن یحدث فی بنائها أیة ضرر أو تصدع39.

ویشیر تعبیر "دون أن یحدث فی بنائها ضرر أو تصدع" إلى أن الأمطار الغزیرة أو السیول کانت کثیرا ما تلحق الضرر والتصدع , وربما الهدم للمنشآت , وقد تکرر هذا التعبیر أو ما یشبهه فی نصوص أخرى "کما یحمدونه (أی المعبود) لما من علیهم به من الأمطار الغزیرة والسیول المتدفقة, الشاملة , وغیر المفسدة أو المهلکة"40, ولعل اندفاع السیول الشدیدة کان من الأسباب التی عرضت سدود الیمن فی کثیر من الأحیان للتصدع41, فقد کان الاندفاع الشدید لها یتطلب بناء هیاکل قویة وشدیدة الاحتمال42, ورغم ذلک تعرضت فی کثیر من الأحیان للتصدع والتهدم , وأشهر حادثة معروفة لتهدم سدود الیمن القدیمة , کانت انهیار سد مأرب.

 

ثانیا : النصوص  الحربیة :

وهی تلک النصوص التی اعتاد الملوک والقادة , وغیرهم ممن کان له دور فی الحروب والمعارک , أن یسجلوها تکریسا لمعبوداتهم , وحمدا لهم أن أعادتهم سالمین , ونجتهم من ویلات الحروب , وحققت لهم الانتصارات, ومنت علیهم بالغنائم . وقد تضمنت هذه النصوص فی أغلبها وصفا لما دار فی المعارک من أحداث , وکیفیة تغلبهم على خصومهم , والوسائل المختلفة التی تغلبوا بها علیهم .

وکان من الوسائل التی ترددت کثیرا فی هذه النصوص, والتی اعتمدوا علیها فی إضعاف قوة خصومهم , تدمیر منشآتهم المائیة بکل أنواعها43, حیث فطنوا إلى أهمیة تعریض الخصوم لخطر الظمأ والجفاف , لما لهما من أثر سریع فی القضاء على أی مظهر من مظاهر الحیاة فی المناطق المهزومة , ولهذا کانت المنشآت المائیة هدفا استراتیجیا أثناء الحروب , وتکررت فی کثیر من النصوص الحربیة عبارة :

و و ث ر و / ک ل / أ ب ر هـ م ی44

أی وطمروا ( ردموا ) کل آبارهم .

فطمر الآبار وردمها یؤکد على أن المقصود تخریب وانتقام وإجبار لأصحابها على ترک أماکنهم وهجرها قسرا بحثا عن مصادر أخرى للمیاه .

ومن النصوص التی أشارت إلى ردم وطمر الآبار:

-         النص  Ja 629:45

القراءة :

28- ج ر ن46 / ح ل ز و م / و ج ب ز و / ک ل / أ س ر ر هـ م و / و و ث ر / و ق م ع / م ح ر م ت / و هـ ی

29- ک ل ت / و أ وب أ ر /  و م س ق ی / ب خ ل ف هـ ی ......

الترجمة :

28- مدینة ( حلزوم ) وأتلفوا کل ودیانهم وهدموا وقمعوا معابد وهیاکل 47

29- وآبار ومساقی بضواحیها48

فالنص یشیر إلى هدم الآبار وردمها لیس هی فقط , بل وأماکن السقیا التی فی ضواحی المدینة التی اجتاحوها .

-         النص Ja 576:49

القراءة :

12- ...و و ث ر و / ک ل / أ ب أ ر هـ م ی / و ق م ع و / هـ ج ر ن / ق ر س/ ....

الترجمة :

12- ... وردموا کل آبارهم وقمعوا مدینة ( المدینة) قرس50.

وتؤکد لفظة و ث ر و بالإضافة إلى لفظة  ق م ع و على التدمیر الشامل للمدینة51, تدمیر لا یترک أثر للحیاة فیها.

وورد فی بعض النصوص تحدید أعداد الآبار التی طمرها المنتصرون فی إطار الفخر بما حققوه من انتصارات وتدمیر لقوى الفریق المهزوم , ومن ذلک:

-         النص عنان 58:

القراءة :

و ی ث ر و52 / س ب ع / و ت س ع ی / أ ب ر م

الترجمة :

ودمروا ( طمروا ) سبع وتسعین بئرا53.

وردت هذه الجملة ضمن نص مطول یشیر إلى معارک دارت ضد الأحباش فی الیمن 54, ویشیر هذا العدد الکبیر من الآبار55 التی ردمت إلى الضغط الشدید علیهم, واتباع سیاسة التعطیش وتجفیف منابع الماء لطردهم من الأماکن التی سیطروا علیها .

تشیر الأمثلة السابقة إلى أن الحکام والقادة العسکریین فی الیمن القدیم أدرکوا مدى أهمیة المنشآت المائیة وموارد المیاه بصفة عامة56, فهی مقوم الحضارة الأول لدیهم , لذا استخدموها کسلاح فی حروبهم , وکأداة ضغط على أعدائهم أثناء صراعاتهم . وقد تضمن تجفیف منابع المیاه معنى القضاء التام على الخصم بحیث لا تقوم له قائمة لأطول فترة ممکنة , فالنهوض من مثل هذه العثرة لابد وأن یستغرق وقتا طویلا من البحث عن مصادر أخرى للمیاه , أو حفر آبار جدیدة , أو إعادة حفر الآبار التی طمرت , بالإضافة إلى إعادة تشیید المنشآت المائیة التی تکون قد تهدمت.

ثالثا: النصوص الأدبیة:

وهی نادرة فی الیمن القدیم , فحتى وقت قریب لم یتحدث الباحثون عن وجود نوع من الأدب الذی یمکن أن یطلق علیه الأدب الدینی فی الیمن القدیم , حتى تم الکشف عن نصین أو قصیدتین أو ترنیمتین کل منهما تعد من أدعیة الاستسقاء57, بالإضافة إلى أن بعض النصوص تضمنت إشارات إلى ما یمکن أن یسمى طقوس أو أدعیة استسقاء58. و یمکن تصور أنها کانت تؤدى بشکل جماعی فی أماکن محددة , أغلب الظن أنها کانت تؤدى فی المعابد , یبتهل من خلالها إلى المعبودات , خاصة المعبودات المتعلقة بالأمطار حتى یتم استرضاؤها وتنعم على المتعبدین بإنزال المطر النافع غیر الضار . ومن أشهر الأمثلة على تلک النصوص التی یمکن أن تسمى بالنصوص الشعریة59:

-         ترنیمة الشمس (القصیدة الحمیریة)60:

وهی عبارة عن نص ورد على إحدى صخور ضاخة أو قریة الجذمة فی وادی قانیة ناحیة السوادیة بالیمن , عثر علیه یوسف عبد الله فی حوالی عام 1977. ویقع مکان العثور على النص بالقرب من أهم قصور آل معاهر, أقیال اتحاد قبائل ردمان وذی خولان, لذلک یؤرخ بحوالی القرنین الثانی أو الثالث المیلادیین61. والنص نمط من الأدب الدینی یرتبط بالدعاء والاستسقاء , وهذا لیس غریبا فی بلد مثل الیمن , یعتمد بشکل کبیر على الأمطار الموسمیة , فإذا ما تلکأ الغیث أو تأخر عن موسمه زمنیا , یلجأ الناس إلى الاستسقاء62.

وقد أمکن نظم القصیدة أو الأنشودة فی حوالی 27 بیتا , بدأ البیت الأول منها بالتذلل والاستجارة بالمعبود , وتوالت أبیات القصیدة تعدد نعمائه , ثم انتهت بأبیات أربعة تبین الغرض منها , بدأ البیت الأول من الأبیات الأربعة بالحمد على نعمائه , ثم یشیر البیت الثانی إلى وفاء المعبود بوعده , من باب الثناء علیه , ثم البیتین الأخیرین فیهما طلب المطر ووصف حال الناس بعدما أصابهم الظمأ بأسلوب غیر مباشر:

القراءة :

1-    ن ش ت ر ن / خ ی ر / ک م هـ ذ / هـ ق ح ک

الترجمة :

1-    نستجیر بک یاخیر فکل ما یحدث هو مما صنعت63

    القراءة :

24- ح م د ن / خ ی ر / ع س ی ک / ت و ح ک

25- هـ ن ش م ک / هـ ن د أ م / و أ ک / ص ل ح ک

26- هـ ر د أ ک ن / ش م س / و أ ک / ت ن ض ح ت

27- و ت ب هـ ل / ع د / أ ی س ی / ش ح ک

     الترجمة :

24- الحمد یا خیر على نعمائک التی قدرت

25- وعدک الذی وعدت به أصلحت

26- أعنتنا یا شمس إن أنت أمطرت

27- نتضرع إلیک فحتى بالناس ضحیت64

بدأت القصیدة بابتهال فیه استجارة وتضرع وتذلل للمعبودة التی لم یذکر اسمها فی أول النظم , وإنما ذکر اسمها فی البیت قبل الأخیر من القصیدة , واستعاض الناظم عن اسمها بصفة لها إمعانا فی التودد والتقرب إلیها فقال : "یا خیر"65 بما تحمله من کل صفات الخیر والبرکة والإحسان , ثم إقرار بأن کل ما یحدث للإنسان , هو من صنعها وتقدیرها . ثم توالت أبیات القصیدة تعدد نعمها على کل الکائنات , وتأتی الأربعة أبیات الأخیرة التی هی بیت القصید :

24- یحمد فیه المقدمون الشمس على نعمها التی قدرت , وهذا من آداب الدعاء, ویحمل فی طیاته معنى الحمد على السراء والضراء.

25- ثم إشارة فی هذا البیت إلى إقرار بأن المعبودة إذا وعدت أوفت , وکأنه استباق للحدث الذی تضرعوا لها من أجله , وهو یقینهم بأنها سترسل المطر.

26- یظهر فی هذا البیت الغرض من هذه الابتهالات , "إن أنت أمطرت" أی نعلم أنک ستعیننا وتغیثنا بالمطر.

27- تأکید على تضرع المتعبدین من أجل استنزال المطر, ووصف بلیغ لما وصل إلیه حالهم " حتى بالناس ضحیت" , هذه العبارة التی تصف حال الناس من شدة الظمأ والجفاف المترتب علیه , والذی رأى فیه البعض إشارات إلى أن الاستسقاء کان یتطلب تضحیة بشریة , إلا أن هذا الأمر موضع خلاف کبیر بین الباحثین66.

وربما تجدر الإشارة إلى أن النظم67 الذی یمیز هذه القصیدة یرجح القول بأنها لیست الأولى من نوعها , بل سبقها قصائد أخرى مماثلة , لم یتوصل الباحثون إلى العثور علیها68. والأنشودة التالیة نموذج مشابه لترنیمة الشمس.

أنشودة المطر (الاستسقاء):

هذا النص معروف ب (عنان11) , نشره زید عنان, مکتفیا بنسخه , وأورد الدلالة الصوتیة لحروفه دون ترجمة لمعناه باللغة العربیة معلقا على ذلک بأن النص به کلمات غیر معروفة ویحتاج إلى دراسة أکثر, وأنه خاص بتقدیم صاحبه لتمثالین (ثور ووعل) للمعبود إلمقه ربما بمناسبة ترمیم هیکل إلمقه69. وقد قام بافقیه وکرستیان روبان Ch. Robin بدراسة النص , وأسفرت الدراسة عن أن النص عبارة عن أنشودة تتکون من مدخل أو مقدمة, ثم نظم الأنشودة70, التی تتعلق أیضا بالاستسقاء وطلب الغیث71, وجاء ما یشیر إلى ذلک فی أربعة سطور منها جاءت على النحو التالی :

القراءة :

11- هـ م س ک / م ر أ ن / ب ل ل

12- ک ل / ذ ع ل ی / و س (ف) ل72

13-           ک هـ ل / ب خ ت / ذ و هـ ن / ذ ر ح

14-           هـ ر د أ / ذ م ل و ب / ر ز ح

15-           إ ل م ق هـ / ذ ب س ک ر أ / ر م ح

الترجمة :

11- وقوتک أیها المولى ( مولانا)  تنال

12-           کل الذی  ( من ) علا وسفل

13-           غیر مترجمة

14-           أعن من (؟) من العطش هزل

15-           إ ل م ق هـ  ذبسکر73 (؟) ادفع74

لم یورد بافقیه ترجمة لمعنى السطر الثالث عشر, وإنما اعتبره بدایة مقطع جدید فی الأنشودة, ورجح أن السطرین الثالث عشر والرابع عشر یشتملان على ابتهال موجه إلى کهل (= کاهل؟)75.

وقد جذبت الأسطر من الحادی عشر إلى الرابع عشر انتباه یوسف عبد الله الذی فی مضمونها الهدف من الأنشودة , فحاول إعادة قراءتها على النحو التالی :

11- أمسکت یا مولانا الندى

12- فی السماء والأرض

13-           فیاکهل خلص من أعیاه المرض (أجهده)

14-           وأعن من أصابه الظمأ76

بدأت العبارات بوصف حال الظمأ الذی یتعرض له المبتهلون , والذی نال من کل شیء , والمقصود فی الغالب بعبارة ( فی السماء والأرض) أی انحباس أمطار السماء, ومیاه الآبار, وکل میاه الأرض, أما السطرین الثالث والرابع عشر , فدعاء لکهل بأن یعین وینجی من أعیاه الظمأ من عواقبه. وقد وردت تعبیرات بلاغیة فی هذه المقاطع تعبر عن الظمأ  وحال من تعرض له , وضحت فی عبارات مثل :

-         خلص من أعیاه المرض (أجهده ) , والمقصود أصابه المرض من شدة الظمأ , وانحباس المطر الذی یؤدی إلى حالة من الجفاف والقحط , یرى أثرهما على الناس من إعیاء وإجهاد ومرض ، فلفظة "ذ رح" تعنی المرض الشدید على الأرجح77.

-         وأعن من أصابه الظمأ , والعبارة تفسیر مجمل للفظتی : "ذ م ل وب" و "ر ز ح", الأولى فی المعنى مثل موهون أو واهن , وأصلها من اللوب أی العطش , واسم المفعول ملوب78, وفسرها بافقیه طبقا لما ورد فی المعاجم العربیة : اللوب , أی استدارة الحائم حول الماء وهو عطشان لا یصل إلیه79, وهو تصویر بلیغ فی التعبیر عمن یحوم حول نفسه باحثا عن الماء من شدة الظمأ.

أما " ر ز ح" فمن معانیها " هلک هزالا"80 وهذا بالفعل حال من یتعرض لجفاف ینتج عنه قحط ومجاعات.

وافترض بافقیه أن لفظة " ک هـ ل " الواردة فی النص, ربما کانت صفة لمعبود ما , توجه إلیه الابتهالات بجانب إلمقه81, بینما من الممکن أن تکون اللفظة صفة من صفات إلمقه.

هذا وتجدر الإشارة إلى أنه رغم أن ألفاظ الأنشودة تدور بشکل منطقی حول الاستسقاء , إلا أن مطهر الإریانی له وجهة نظر أخرى فی موضوع الأنشودة , حیث أشار إلى أنها أنشودة عسکریة مکرسة للمعبود (إلمقه ثهوان بعل أوام)82, وهذا رأی یصعب قبوله.

وقد أدى التفسیر السابق لترنیمة الشمس, وأنشودة المطر , إلى افتراض بعض الباحثین إلى أن من نصوص التقدمات أو النصوص النذریة ما یشیر إلى صلوات استسقاء , کانت تؤدى من قبل المتعبدین بشکل جماعی , بشعائر وطقوس معینة , یخرج الجمیع لأدائها , بما فی ذلک النساء83, ومن أکثر النصوص دلالة على أداء صلاة الاستسقاء , النص Ja 735 الذی سبق الإشارة إلیه ضمن النصوص النذریة , والذی یشیر إلى جفاف أصاب البلاد بقحط شدید لمدة عام ونصف, فتوجهت قبیلة سبأ وبنات مأرب إلى معبد إلمقه فی موکب دینی مهیب84_ هذا الموکب یشیر إلى حدث جماعی یؤدى – وورد فیه :

القراءة :

8- ک ل / ش ع ب م / س ب أ / و ب ن ت / م ر ب / ب ع ب ر / إ ل م ق هـ / ع د ی / م ح ر م ن / ذ أ و م / و س ف

9- ح و / ر ق ت هـ م و / و ت ع ب ر ن / ل م ر أ هـ م / إ ل م ق هـ / و أ ن ث ن / ع ط و ف ]هـ ن[85 / و س ت م ل

10- أ و / و ت ب ش ر ن / ب ع م / م ر أ هـ م و / إ ل م ق هـ / ل خ م ر هـ م و / س ف ی / و هـ غ ث ن / م ر ب > / < و86

الترجمة:

8- کل شعب سبأ وبنات مأرب عبروا نحو ( توجهوا إلى) إلمقه فی معبد أوام, ودعوا87

9- (بـ) رقیهم (سحرهم)88 وأعطوا مواثیقهم (توجهوا) لسیدهم إلمقه والنساء (الإناث) بطوافهن وتوسلوا89

10- واستجدوا (تضرعوا ل) من إلمقه أن یمنحهم سقیا وأغاث (یغیث) مأرب, و90

ثم یشیر سیاق النص إلى استجابة المعبود للبتهلین مباشرة بعد هذا التضرع :

القراءة :

12- ]ن /[ هـ و ت / ی و م ن / ت أ ت و و / ب ن / م ن / م ح ر م ن / ذ أ و م / ذ ن م / و م ظ أ / ذ ع ب ن / ب ل

13-           ]ل[ ی ن / و م ل أ و / أ م ط ر ن / و س ق ی و / ک ل / أ س ر ر ن / ذ ر م / و و ز أ و / هـ ر ع ل ن

الترجمة :

12- فی هذا الیوم بالذات (تحدیدا) رجعوا من معبد أوام (بسبب) المطر, وتدفق السیل الجارف91

13-           باللیل (لیلا) وملأوا الحقول المسقیة وسقوا کل الودیان وبرک المیاه المنشودة, وبعد ذلک92

والنص یوضح أن استجابة المعبود لهذه الصلاة أو الابتهالات کانت بعد رجوع المؤدین لها لیلا, أی فی نفس الیوم, وهو فی هذا یشبه النص Ja 635 الذی یشیر إلى صلاة هطلت بعدها الأمطار على قبیلة سبأ فی نفس الیوم93 , ویشیر النص Ja 658 إلى صلاة استسقاء أدتها قبیلة کهلان, نزل بعدها المطر فی الیوم الرابع لأدائها94.

کما أن بالنص Ja 735 إشارات مهمة , لایمکن إغفالها, مثل الإشارة إلى وجود البنات والنساء فی الموکب الذی ذهب لمعبد إلمقه لتأدیة طقوس الاستسقاء کما یمکن أن تسمى , ولفظة (ب ن ت / م ر ب) أو (بنات مأرب) ربما کانت إشارة إلى البنات البکر95 تحدیدا, وفی هذا دلالة خاصة أغلب الظن على الخصوبة , فحضور المرأة هذه الطقوس بمثابة تأکید على العلاقة بین خصوبة الأرض بنزول المطر, وخصوبة المرأة96.

أیضا من الألفاظ المهمة الواردة فی النص, لفظة ( ر ق ت هـ م و) والتی فسرت بمعنى (رقیتهم , سحرهم) , ومن معانیها : صعد , رقى97, یستخدم السحر, ساحرة98, وربط کل من    Jamme و Biella  بین انحباس المطر وحالة الجفاف والسحر99, وفی هذا إشارة لایمکن إغفالها لاستخدام طقوس سحریة أو رقى أو تعاویذ أثناء أداء صلاة الاستسقاء و ربما کان منها ماله صلة بالخصوبة , مثل تماثیل الخصوبة الخاصة بالنساء (دمى الخصوبة) , والتی کانت تشیر إلى الخصوبة والتکاثر100, وربما کان منها ما یمثل رموزا للمعبودات ذات الصلة بالمطر والماء , مثل القرون – خاصة قرون الوعل- التی أشار أحد الباحثین أنها کانت من بین القرابین التی تقدم أو تلقى فی الآبار, وربط بین هذه التقدمة وبین عبادة المعبود الأب ( القمر)101 عند العرب.

وربما یرجح استخدام بعض الرموز أو التعاویذ ذات الدلالات السحریة أثناء الابتهالات والدعوات طلبا للغیث , ما ظهر من علامات ذات دلالات سحریة فی بعض الأماکن والمنشآت کان الغرض منها الحصول على الماء102. وإذا لجأ المتعبدون أثناء تأدیة ابتهالاتهم وتقدیماتهم من أجل الحصول على الماء وتجنب أهوال الظمأ للسحر, فلابد أن یتم ذلک من خلال الکهنة فی المعابد, وغالبا ما یکون الکاهن الأعلى (الأکبر)103, أو "الرشو"104.

ووردت فی النص لفظة " ع ط و ف هـ ن" التی فسرها بعض الباحثین بمعنى الطواف , مما یشیر إلى أن الطواف کان من طقوس الاستسقاء التی کانت تؤدى , وربما کان یمارس فی شعائر أخرى , مثل الحج105 على سبیل المثال.

ویرتبط أمر آخر بالاستسقاء فی الیمن القدیم , وهو الذبح أو تقدیم الأضاحی المذبوحة, وأشارت Pirenne إلى أن عرب الجنوب کانوا یقدمون ذبائح (فدیة ، أضحیة) من الحیوانات طلبا لنزول المطر106.

وقد ورد ما یشیر إلى ذلک فی ترنیمة الشمس :

القراءة :

2-    ب ص ی د / خ ن و ن / م أ ن / ن س ح ک

الترجمة :

2-    بموسم صید خنوان مائة أ    ضحیة سفحت107

وکان العقر أو تقدیم القرابین المذبوحة طلبا للمیاه أو حرصا علیها وحمایتها معروفا عند العرب قبل الإسلام108, وشبه البعض الدماء التی تسیل من الأضاحی المذبوحة عند الآبار , بمثابة سائل الحیاة الذی یراق بهدف حمایة الماء أساس الحیاة حال وجوده فی البئر, أو إرواء الظمأى فی حالة نضوبه109.

وکان للوعل دور بارز فی الاستسقاء , لاسیما أنه من الحیوانات التی تساعد فی هدایة القوم إلى جهة المطر, الأمر الذی جعل له قدسیة خاصة ضمن الرموز الحیوانیة110 , وکان من أکثر الحیوانات التی تقدم للمعبودات کقرابین , سواء مذبوحة بالفعل , أو فی هیئة تماثیل نذریة تقدم عوضا عنه.

 المعبودات المرتبطة بالماء :

یتبین من خلال النصوص السابق ذکرها أن المعبودات الأساسیة المرتبطة بالماء فی الیمن القدیم , هی معبودات الثالوث الکوکبی الذی تدور حوله معظم مفردات الدیانة الیمنیة القدیمة , القمر والشمس ونجم الزهرة(عثتر).

-         القمر بأسمائه المختلفة , وأشهرها "إلمقه" الذی عرف به فی سبأ وورد ذکر علاقته بالماء والاستسقاء فی نصوص البحث , ویعرف من خلالها و من خلال غیرها من النصوص أن معابده فی مأرب کان یقصدها المتعبدون للتضرع إلیه کی یرسل المطر111.

وکان یعرف عند المعینیین ب "ود" الذی ارتبط بالسقیا والمطر , طبقا لما ورد فی النص YM 26106 :

القراءة :

6- ..../ و س ق ی / و د م / ب ض

7- ع / م ع ن / و ل / ص ت د ق / ذ غ ی ل ن

الترجمة :

6- ..... وسقى ود الأراضی التابعة

7- لمعین وأتم ما وعده فی الغیل من  الأمطار112.

کما کانت حزمة البرق من الرموز التی تشیر إلى ود , مما یدلل على ارتباطه بالری والمطر113.

وارتبط " أنبای" معبود القمر فی قتبان بالمطر والمیاه, وربما کانت تقام له صلاة استسقاء فی معبد "رصف" عندما یتأخر نزول المطر114.

وأیضا "عم" معبود القمر فی قتبان کان ذو صلة بالماء , حیث کان من ألقابه "عم ذو مناخ" بمعنى "عم الذی یجری الماء"115.

ومن ألقابه أیضا "ع م ذ زرم", ربما بمعنى "عم صاحب الغیث المنهمر"116. کما عرف "سین" بلقب "س ی ن ذو ح ل س م" أی " سین صاحب المطر المخصب"117. واعتبر الهمدانیون معبودهم المحلی تألب ریام مسئولا عن توزیع المطر118.

-         الشمس , وتعرف علاقتها بالمطر وانحباسه من ترنیمة الشمس التی ذکر فیها اسمها صراحة " أعنتنا یا شمس إن أنت أمطرت" وکان من صفاتها "م ن ض ح ت" أی التی تنضح الماء119, وأیضا "ذ ت غ ض ر ن" أی "ذات غضران" وهو لقب له صلة بالطین اللازب, والتی ربما تشیر إلى علاقتها بالسقی وإنبات الزرع120.

-         عثتر، ورد ذکره مع المعبود إلمقه کمنزلین للماء فی النص GI 1000121:

RES 3945 :

القراءة :

2-    ....و ی و م / ص د ق / ع ث ت ر / و أ ل م ق هـ / ح ج هـ م ی / و ی هـ ث ب / م و ی / ذ هـ ب و / ر ی م ن / و ی ک ن / ف ن و ت م / ف ن و ت م / و ذ ی رم / ذ ی ر م

الترجمة :

2-.....ویوم صدق عثتر وإلمقه وعدهما وهطلت میاه الأمطار على وادییه  المسمیین ریمان ویکان, ساقیة ساقیة وحقلا حقلا122.

فهو بذلک یشترک مع إلمقه فی منح الماء, وکان یعرف أیضا کمعبود السقی مانح الماء والحیاة123.

وکان المتعبدون یسارعون إلى معابد عثتر التی أقاموها فی کل واد , حیث یقدمون له القرابین لیمنحهم المطر124.

هذه کانت أشهر المعبودات المرتبطة بالماء والمطر, بالإضافة إلى معبود آخر وصف فی النصوص على أنه معبود المطر, لکن دون تحدید اسمه, وذلک فی أحد نصوص منطقة سامع فی محافظة تعز125.

القراءة :

5-...ذ و ن أ / و ب ر د أ / م ]ر[ أ ]هـ م و[ / ذ ن م ن / ذ ب ح ی ک / ن ع ر هـ ت

الترجمة :

5- ....ذی ونأ وبعون سیدهم ]معبود[ المطر الذی ببلدة نعرة126.

فالنص یشیر إلى المعبود دون تحدید اسمه , ولکن حدد مکانه وهو منطقة نعرة , فربما کان فی ذلک إشارة أنه کان لکل منطقة معبودها المحلی الخاص الذی یلجأ إلیه وقت الشدة , ومن أخطر أنواع الشدة التی کان یتعرض لها الیمنیون القدماء , کان الجفاف والقحط , ولا ینفی هذا دور المعبودات الرئیسة التی کانت الحامی لهم من مثل هذه الشدائد.

ویتبقى الإشارة إلى أن الیمنیین القدماء استخدموا فی تعبیرهم عن الظمأ والعطش نفس الاصطلاحات المتعارف علیها فی العربیة مثل : " مات من الظمأ" مثلما ورد فی النص Ja 735/7:

القراءة :

7- أ ک ل أ / م ر ب / و م و ت / ذ ب ن / أ ع م د ن / ب ن / ص م أ

الترجمة :

7- ماتت مراعی مأرب والحقول المرویة طبیعیا من الظمأ127.

وعبروا عنه أیضا بأسلوب الکنایة , کما یظهر من الصیاغة فی ترنیمة الشمس " فحتى بالناس ضحیت " أی من شدة الظمأ.

وشبهوه بالإصابة بالمرض کما فی أنشودة المطر "خلص من أعیاه المرض" و " أعن من أصابه الظمأ ".

کما أشار أحد النصوص إلى حرصهم الشدید على الماء القلیل الذی لدیهم عندما تعرضوا لنفاذ الماء أثناء أحد المعارک التی دارت بین الملک السبئی شعر أوتر والملک الحضرمی إلعزیلط128:

القراءة :

10- و أ ل / ل هـ م و / ب هـ و / ک ل / م  و م / ذ ی س ت ق ی ن ن / ث ل ث ت / ع ش ر / ی و م ت م / و ی س ت ق ی ن ن / ق ل ل م / س ق ی م / ع د ی / ذ ت / ن ف ص

الترجمة :

10- واستیقنوا أنه لم یعد لدیهم من الماء شیء , فظلوا ثلاثة عشر یوما لا یستقون إلا ما یحفظ النفس129.

والتعبیر الحرفی الوارد فی النص یعنی " القلیل " , مما یشیر إلى ترشید استخدام للماء أملته علیهم الضرورة.

یشیر التحلیل السابق لما ورد من نصوص فی البحث إلى عدة أمور , یمکن إجمالها فی عدة نقاط :

-         کان الماء بالنسبة للیمنیین القدماء هو المقوم الأول لحضارتهم التی یمکن القول أنها کانت زراعیة بالدرجة الأولى , لذا فطنوا إلى أهمیته , وعمدوا إلى الحفاظ على موارده بکل الطرق الممکنة.

-         لجأ الیمنیون إلى إقامة المنشآت المائیة بکل أنواعها للحفاظ على مواردهم المائیة , واعتنوا بها من حیث تحصینها , حیث کانت مستهدفة أثناء الحروب, کما عنوا بمتابعتها من الناحیة الإنشائیة , بتدعیمها وترمیمها إذا استدعى الأمر.

-         کما تقربوا لمبعوداتهم بالنذور المختلفة والتضرعات لتمدهم بالماء الوفیر النافع غیر الضار.

-         وتضرعوا إلیها ف الحالات التی تعرضوا فیها لقلة الماء أو انحباس الأمطار بالأناشید والابتهالات التی کانت تؤدى أثناء ما یمکن أن یسمى (صلاة الاستسقاء) , واصفین فیها أحوالهم التی وصلوا إلیها نتیجة الظمأ , واستعملوا فی وصفهم أسالیب إنشائیة بلیغة , هدفها استعطاف معبوداتهم , لم تختلف کثیرا عما یستخدم فی اللغة العربیة.

-         الإریانی , مطهر: فی تاریخ الیمن, شرح وتعلیق على نقوش لم تنشر , 34 نقشا من مجموعة القاضی علی عبد الله الکهالی, مرکز الدراسات الیمنیة , صنعاء , 1972.
-         "    ,   "    : نقوش مسندیة وتعلیقات, مرکز الدراسات والبحوث الیمنی , ط2, صنعاء , 1990.
-         "    ,   "    : أنشودة من محرم بلقیس, الثوابت , ع41, صنعاء,2005.
-         باخشوین, فاطمة : الحیاة الدینیة فی ممالک معین وقتبان وحضرموت , الریاض , 2002.
-         البارد , فیصل : النقوش المسندیة المتعلقة بالماء والری فی الیمن القدیم, ج2, رسالة غیر منشورة, المعهد الوطنی لعلوم الآثار والتراث , وزارة الثقافة , المغرب, 2009/2010.
-         بافقیه , محمد عبد القادر و ک. روبان: من نقوش محرم بلقیس , ریدان, ع1, لوفان, عدن, 1978.
-         بافقیه, محمد عبد القادر: توحید الیمن القدیم, الصراع بین سبأ وحمیر وحضرموت من القرن الأول إلى القرن الثالث المیلادی, ترجمة علی محمد زید, سلسلة تاریخ الیمن (2), المعهد الفرنسی للآثار والعلوم الاجتماعیة , صنعاء , 2007.
-         بغدادی , رشاد: العلاقات العسکریة بین سبأ وذی ریدان ومملکة أکسوم فی القرن الثالث المیلادی, مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشریعة واللغة العربیة وآدابها, ج16, ع28, 1424هـ.
-         البکر, منذر عبد الکریم: قبیلة جرة ودورها السیاسی فی تاریخ الیمن قبل الإسلام, دراسات یمنیة, ع 25 و26, صنعاء 1986.
-         بیرین , جاکلین : مساهمة النقوش فی التعریف بمعبد باقطفة , ریدان , ع2, عدن , 1979.
-         بیستون, أ وآخرون: المعجم السبئی, مکتبة لبنان , بیروت, 1982.
-         جانتل, ب., السیطرة على الری , الیمن فی بلاد ملکة سبأ, معهد العالم العربی, دار الأهالی, باریس ودمشق, 1999.
-         جاویش , عبد الرحمن: الموارد الطبیعیة فی الیمن القدیم, حضارة سبأ نموذجا, رسالة ماجستیر غیر منشورة, جامعة صنعاء , 2012.
-         الجرو, أسمهان: الدیانة عند قدماء الیمنیین, مجلة دراسات یمنیة, ع48, مرکز البحوث والدراسات الیمنی, 1992.
-         "    ,   "    : موجز التاریخ السیاسی القدیم لجنوب شبه الجزیرة العربیة , (الیمن القدیم) , عدن, 1996.
-         "    ,   "    : دراسات فی التاریخ الحضاری للیمن القدیم, حضرموت, 2003.
-         "    ,   "    : الشعائر والطقوس الدینیة فی معبد إلمقه أوام بمأرب فی ضوء نقوش محرم بلقیس, ینایر 2019.
-         الحمادی, هزاع: القرابین والنذور فی الدیانة الیمنیة القدیمة , رسالة دکتوراه غیر منشورة, کلیة الآثار , جامعة القاهرة , 2006.
-         الدیک, إحسان: البئر بوابة العالم السفلی فی الشعر الجاهلی , دراسات العلوم الإنسانیة والاجتماعیة, مج 36, ملحق الجامعة الأردنیة, 2009.
-         الرصین, رصین: ألفاظ الحرب فی النقوش الیمنیة القدیمة, دراسة معجمیة مقارنة باللغات السامیة, رسالة ماجستیر غیر منشورة, بغداد, 2002.
-         ریکمنس, جاک: حضارة الیمن قبل الإسلام, دراسات یمنیة , ع28, مرکز الدراسات والبحوث الیمنیة , صنعاء 1987.
-         السروری , نبیل: الحیاة العسکریة فی دولة سبأ, دراسة من خلال نقوش محرم بلقیس , جامعة صنعاء , 2004.
-         السنانی , رحمة : الآلهة والمعابد فی جنوب شبه الجزیرة العربیة فی الفترة من القرن العاشر قبل المیلاد حتى القرن الأول قبل المیلاد, رسالة ماجستیر غیر منشورة , کلیة التربیة للبنات , المدینة المنورة , 2003.
-         شتیة, منال: قداسة المکان فی الشعر الجاهلی, رسالة ماجستیر غیر منشورة, جامعة النجاح الوطنیة, نابلس,2017.
-         شرف الدین, أحمد حسن: تاریخ الیمن الثقافی, ج3 , سلالة یعرب بن قحطان, لغاتها وآدابها, القاهرة , 1967.
-         الصلوی , إبراهیم : أعلام یمنیة مرکبة, دراسة عامة فی دلالتها اللغویة والدینیة, دراسات یمنیة , ع38, صنعاء ,1989.
-         طعیمان , علی: تقنیة نظام الری القدیم فی سهل صرواح, دراسة میدانیة لمنشآت شرق معبد أوعال صرواح, جمعیة التاریخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة, مداولات اللقاء العلمی السادس عشر, الریاض, 2015.
-         عبد الله , یوسف : مدونة النقوش الیمنیة, الإکلیل, ع3 و 4 , صنعاء , 1987.
-         "    ,    "    : نقش القصیدة الحمیریة أو ترنیمة الشمس , صورة من الأدب الدینی فی الیمن القدیم, ریدان, ع5, عدن , 1988.
-         "    ,   "    : أوراق فی تاریخ الیمن وآثاره , وزارة الثقافة والإعلام , بغداد, 1989.
-         العتیبی, محمد بن سلطان: التنظیمات والمعارک الحربیة فی سبأ من خلال النصوص منذ القرن السادس ق.م حتى القرن السادس المیلادی, وزارة التربیة والتعلیم, وکالة الآثار والمتاحف, الریاض , 2007.
-         عسیری , وجدان : التقویم فی شبه الجزیرة العربیة قبل الإسلام من القرن العاشر قبل المیلاد حتى القرن السادس المیلادی, رسالة ماجستیر غیر منشورة, کلیة التربیة للبنات , جامعة الملک عبد العزیز, جدة, 2009.
-         علی, جواد: المفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام, ج7, ط2, جامعة بغداد, 1993.
-         عنان , زید بن علی: تاریخ حضارة الیمن القدیم , دار الآفاق العربیة , القاهرة , 2003.
-         العویل , أحمد: الأخطار والکوارث فی الیمن القدیم فی الفترة من القرن العاشر قبل المیلاد إلى القرن السادس المیلادی, رسالة ماجستیر غیر منشورة , المعهد العالی لحضارات الشرق الأدنى القدیم , جامعة الزقازیق, 2014.
-         العیسى, سلیمان: ترنیمة الشمس, نقش القصیدة الحمیریة, صورة من الأدب فی الیمن القدیم, مرکز الدراسات والبحوث الیمنی, صنعاء , 1989.
-         غالب , میهوب: نقش جدید من سامع, معلومات تاریخیة جدیدة (دراسة تحلیلیة فی دلالته التاریخیة), صنعاء الحضارة والتاریخ , مج1, صنعاء , 2005.
-         المرقطن , محمد : هندسة الری ودورها فی نشأة الدولة فی جنوب غربی الجزیرة العربیة وتطورها , أبحاث ندوة الإنسان والبیئة فی الوطن العربی فی ضوء الاکتشافات الأثریة , أدوماتو , الجوف, 2010.
-         معطی , على محمد: تاریخ العرب الاقتصادی قبل الإسلام, دار المنهل اللبنانی , بیروت , 2003.
-         نعمان , عبد الله ومحمد القدسی: المنشأت المائیة وأنظمة الری فی الحضارة الیمنیة القدیمة , من کتاب : نوافذ على الماء والحضارة فی بلاد العرب, المنظمة العربیة للتربیة والثقافة والعلوم, تونس.
-         النعیم, نورة: الوضع الاقتصادی فی الجزیرة العربیة فی الفترة من القرن الثالث قبل المیلاد وحتى القرن الثالث المیلادی , الریاض, 1992.
-         النعیمی , أحمد : الأسطورة فی الشعر العربی قبل الإسلام, القاهرة , 1995.
-         نیلسن, د: الدیانة العربیة القدیمة, التاریخ العربی القدیم, القاهرة ,1958.
-         هیلند, ربرت: تاریخ العرب فی جزیرة العرب من العصر البرونزی إلى صدر الإسلام, 3200ق.م – 630م, ترجمة عدنان حسن, بیروت , 2010.
 
ثانیا:المراجع الأجنبیة:
-         Amer, M., The ancient transpeninsular routs of Arabia, Congres international de geographei, 5, Le Caire, 1962.
-         Barton, B., Semetic and Hamitic Origins, Philadelphia,       1934.
-         Bawen, R., Irrigation in Ancient Qataban, ADSA,  Baltimore, 1958.
-         Beeston, A., Notes on Old South Arabian Lexicography IX,                      Le Museon,88, 1975.
-             "     " ., The Ritual Hunt, A Study in Old South Arabian Religious practice, Le Museon, 61, 1948.
-             "     "  ., The Qatabanic text VLI, PSAS, 16, London, 1986.
-         Biella, J. Dictionary of Old South Arabic, Sabaean       Dialect, Harvard, 1982.
-         Bruner, U. Sustainable Sabaean irrigation in Yemen, Arid Lands in Roman times Papers from the International Conference, Rome, 2001.
-         Coon, c., The Story of the Middle East, New York,1951.
dans les Barces. Terres du Yemen: Un Essai de Modele, Syrie, 81, 2004.
-         Doe, B., Monuments of South Arabia, New York, 1983.
-         Fakhry, A., An Archaeological Journey to Yemen, I , Cairo, 1952.
-         Hehmeyer, I., Water and Sign Magic in al-Jabin, Yemen, AJISS, Vol 125, No 3, Verginia, 2008.
-         Jamme, A., On a Drastic Current Reduction of South Arabian Chronology, BASOR, 145, February, 1957.
-         Maraqten, M., Typology of Irrigation System in Ancient Yemen in the light of the Epigraphic Evidence, Proceeding of Water & Life in Arabia, Abu Dhabi tourism and Culture Authority, 2017.
-         Mouton, M., Irrigation et Formation de La Societe Antique
-         Noveh, J., Graffiti and Dedications, BASOR , 235, 1979.
-         Perry, G., The Middle East, New Jersey, 1983.
-         Pirenne, J., Rshw, Rshwt, Fdy, Fdyt, and the priesthood in                ancient South Arabia, PSAS, 6, 1975.
-         Ricks, S., Lexicon of Inscriptional Qatabanian, Roma, 1989.
-         Robin, Ch. Et H. Dridi, Deux barrages du Yemen antique (note d'information), Comptes rendus des Seances de L'Academie des Inscriptions et Belles – Letters, 148 annee, N 1, 2004.
-         Ryckmans, J., Ibid., p.137: The Old South Arabian Religion, Yemen, 3000 years of Art and Civilization in Arabia Flix,  Austria, 1988.
-         Yaseen, G. & Dh. Shargabi, Terracotta figurines from the National and Military Museums in Sanaa, Yemen, AAE, 18, 2007.